السؤال: [ما هي الفروق بين الثابت والمتغير؟]
الجواب: كثير من الأسئلة تدور حول ما يمكن أن أقول هو التفريق أو التمييز بين الثابت وبين المتغير في ديننا وقيمنا في عاداتنا وما يتعلق بذلك.
المُشاهد الآن أن دعاة الفساد والانحراف يراهنون على أن التغيير حتمي وهي نظرية ليست غريبة، فهي نظرية ماركسية , وأيضاً يوجد في فلسفات غربية أخرى غير الماركسية وغير الشيوعية نظرية التقدم المطلق كما يسمونه، "حتمية التغيير" مثلاً: الآن المرأة لا تتبرج؛ لكن بعد جيلين حتماً الكل سيتبرج، ثم يقيسونها على أمور ليست من شأن الثوابت، مثلاً: أنه قبل عقد من الزمن كانت المرأة لا تتعلم والآن تتعلم وهكذا، الخلط بين الثابت والمتغير هي إحدى المشكلات التي من خلالها تفتح علينا أبواب ورياح لا نستطيع أن نسد الباب في وجهها.
هناك أيضاً مسألة أن المرأة تشارك في العمل أو تفتح مصانع أو تعمل كذا، القضية عندنا في الإسلام ليست قضية أن المرأة عندها عمل، أنا أحياناً -أكاد ولو رأيتني قد تراني أضحك وأنا لوحدي- لما تقرأ أن وفداً غربياً جاء إلى المملكة وأشاد بها وقال: وجدنا المرأة في السعودية من حقها أن تملك؛ فعندها شركات، وعندها مصانع! ويفتخر بها العلمانيون في جرائدنا!
ملكية المرأة ولو كانت لمصنع طائرات ليست شيئاً غريباً على الإطلاق في بلد تقسم التركة فيه بمقتضى الشريعة الإسلامية، فإذا كان الأب يملك أكبر مصنع في العالم، ومات وورثته ابنته أو ابنتاه، فطبيعي أن ترث المصنع حتى لو لم تكن هي التي أنشأته، فالتملك ليس هو مشكلة كما يظنون هم، أو يوجد لدينا ما شاء الله في وزارة التجارة كذا سجل تجاري باسم امرأة، فهذه ليست قضية, ولا هي مكسب, ولا هي مؤشر على شيء إلا الشيء العادي الطبيعي في الأمة, لكن هناك ماذا يبنى على مثل هذه النظرة الخاطئة؟
إذا كنا جادين أو نريد أن نكون -وهذا الواجب علينا- فنحن الآن في عصر العولمة ، وفي عصر التقنية التي أصبح من أبسط الأمور فيها هو تحرير التجارة من العوائق التقليدية، التي كانت تعيشها التجارة إلى ما قبل عشرين سنة، وقبل ذلك في التاريخ.
على سبيل المثال: الشركات الأمريكية الآن تحرص أن يكون المصنع التجميع مثلاً في الهند، أو في الصين، والعمالة قد تكون فلبينية, والشركة مسجلة في اليابان ولكن المالك يعيش في أمريكا، ما فيه غرابة في هذا، ثم النوع الآخر الذي هو بفضل ما أعطى الله تعالى البشرية من استخدام الآلة الجديدة الحديثة؛ ثورة المعلومات أو الإنترنت، هناك أعمال كثيرة جداً ممكن أن تؤدى في البيوت، وأصبحت الفرص الوظيفية في البيت الآن تعد بالملايين.
عندما نتكلم عن فرصة وظيفية في البيت يظن البعض أنه فقط لمجرد المحافظة على الفضيلة, وهذا هدف عظيم ونفخر به، لكن ينسى أنك توفر من المواصلات ومن استهلاك البنية الأساسية التحتية عندما تكون المرأة في بيتها, من اللباس ومن المكياج، وأيضاً أشياء كثيرة جداً مثل رعاية للأطفال وغير ذلك من الأمور الكثيرة جداً.
ثم إذا كانت أمة مؤمنة فهي تفتخر بهذا أصلاً وتعمل له أكثر، ووجدت جمعيات في دول لا تعرف الحجاب كما نعرفه نحن الآن ولكنها عاملة، كما في إندونيسيا وفي تركيا هناك مصانع التجزئة، وهي أيضاً فكرة حديثة تغنيك عن مجمع ضخم للعمال وحركة نقل ضخمة وكذا، وهو أنك توزع العمل إلى أجزاء, وهذه الأجزاء يتولَّاها أناس في مجمعات أو في أماكن صغيرة جداً، ثم في النهاية يدور أحد الأشخاص ويجمعها.
فهناك وسائل كثيرة جداً لست خبيراً فيها ولا من أهلها؛ لكن مما نسمع من أهل الخبرة. نقول: لو صدقنا مع الله تبارك وتعالى, وأردنا أن نبني مجتمعاً متطوراً متقدماً تقدماً تجارياً وصناعياً لأمكننا أن نفعل ذلك من غير إخلال على الإطلاق بهذه القيم والمبادئ.
ولذلك هم أصلاً لا يفخرون بأن امرأة تمتلك مصنعاً مثلاً يديره رجال، ويعمل فيه آلاف العمال, ما تسمع أحداً يفتخر بهذا، الفخر عندهم أن مصنعاً ولو حقيراً ولو شاذاً ولا قيمة له تجارياً أنه وظف امرأتين أو ثلاث، فهم ينظرون من زاوية الفساد والإفساد لا أكثر ولا أقل.
وما ذكرت الأخوات -والإطالة في هذا تستغرق وقتنا كله- أن وسائل الإعلام أو الكتاب وما أشبه ذلك في غيبة صوت الحق يمرحون ويسرحون، نحن أيها الإخوة والأخوات لدينا وسائل كثيرة لأن نثبت وجودنا وأن نقاوم، وأن يكون لنا أيضاً قنوات فضائية وإعلام وصحافة خاصة بنا، وأن نزاحم الكتابة في هذه الصحف ونرد, وحتى أن نشكر من ينشر أو من يأتي بموقف إيجابي، بمعنى آخر: إذا كنا نحن على مستوى من الوعي فنحن أكبر كتلة وأقوى قوة تتحرك والحمد لله في هذا البلد؛ بل في كثير من البلاد بفضل الله سبحانه تعالى.
إذا كان أخواتنا في مصر وفي تركيا يناضلن ويكافحن ويجاهدن من أجل أن يثبتن أنه يجب أن يكنَّ على لباس من الحشمة والعفة، ألا يكون في المكان تحرشات، وما أشبه ذلك، فكيف يهدمون بنياناً شامخاً قائماً ونحن نرضى ونسكت لذلك ...
لا أقول: لا يرد على الشبهات؛ لكن يا إخوان ليست أنها شبهات لم يرد عليها أو أنها شبهات اقتنع بها من يقتنع، الشهوات هي التي تقود أكثر الناس إلى الانحراف في هذا الجانب، الشبهات تأتي عندما نتحدث عن عقائد أو عن أفكار أو عن آراء مجردة، أما ونحن نتكلم عن قضية المرأة والاختلاط وما أشبه ذلك فإنها قضية شهوات بالدرجة الأولى.
أضف تعليقا
تنويه: يتم نشر التعليقات بعد مراجعتها من قبل إدارة الموقع